بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي أشرف الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد و علي آله و صحبه أجمعين أما بعد:-
( هذا شروع في بيان العول و أصول المسائل ).
العول في لغة العرب له عدة معاني فهو يأتي بمعني الظلم و الجور و منه قوله تعالي ( ذلك أدني ألا تعولوا ) أي تظلموا و تجوروا ويأتي بمعني الارتفاع يقال عال الماء إذا ارتفع و عالت القضية إلي الحاكم إذا رفعت إليه و يأتي بمعني الزيادة يقال عال الميزان إذا زادت احدي الكفتين فيه علي الأخرى .
و اصطلاحا العول هو الزيادة في مجموع السهام المفروضة و نقص في انصباء الورثة و ذلك عند تزاحم الفروض و كثرتها بحيث تستغرق جميع التركة و يبقي أصحاب الفروض بدون نصيب من الميراث فنضطر عند ذلك إلي زيادة أصل المسألة حتي تستوعب التركة جميع أصحاب الفروض و بذلك يدخل النقص إلي كل أحد من الورثة و بحسب فرضه.
متى وقع العول
لم يقع العول في زمن النبي صلي الله عليه و سلم و لا في زمن أبي بكر رضي الله عنه حيث لم تحصل مسألة فيها عول و إنما حصلت أول قضية في زمن الفاروق عمر رضي الله عنه قال ابن عباس رضي الله عنهما ( أول من أعال الفرائض عمر رضي الله عنه ) لما ألتوت أي كثرت عليه الفرائض ) و دافع بعضها بعضا فقال رضي الله عنه :- ( لا أدري أيكم قدم الله و لا أيكم أخر و كان امرأ ورعا فقال ما أجد شيئا أوسع لي من أن أقسم التركة عليكم بالحصص و أدخل علي كل ذي حق ما دخل من عول الفريضة و كان عمر أول من أعال المسائل ) و قد انعقد الإجماع علي هذا حيث لم يخالف أحد من الصحابة فلما انقضي عصر عمر أظهر ابن عباس رضي الله عنهما خلافه و لكن لم يؤخذ بمذهبه لمخالفته الإجماع .
الأصول التي تعول و التي لا تعول
أصول المسائل سبعة ثلاثة منها تعول و هي الستة و ألاثني عشر و الأربع و العشرون و أما الأصول التي لا تعول فهي الاثنان و الثلاثة و الأربعة و الثمانية فإذا كان أحد أصول المسألة من هذه الأعداد فانه لا يمكن أن يكون في المسألة عول كما إذا ماتت عن ( زوج و أخت شقيقة أو لأب) فأصل المسألة من اثنين للزوج النصف واحد و للشقيقة النصف واحد .من اثنين فليس في المسألة عول. فكما إذا ماتت امرأة عن أبوين فللأم الثلث و للأب الباقي و يكون أصل المسألة من ثلاثة للأم الثلث واحد و للأب الثلثين الباقية فليس في المسألة عول . وكما إذا مات عن:- زوجة و أخ شقيق و أخت شقيقة فأصل المسألة من أربعة للزوجة 1/4 واحد من أربعة و الباقي ثلاثة بين الشقيق و الشقيقة للذكر مثل حظ الأنثيين فللشقيقة واحد و للأخ الشقيق اثنين فليس في المسألة عول. وكما إذا مات عن زوجة و بنت و أخت شقيقة فالمسألة من ثمانية للزوجة الثمن واحد و للبنت النصف أربعة و للأخت الشقيقة الباقي و هو ثلاثة. فهذه الأصول الأربعة لا تكون مسائلها إلا عادلة أو فاضلة و لا تكون عائلة أبدا. و أما الأصول التي تعول هي الستة و الاثنا عشر و الأربعة و العشرون. فأصل الستة تعول أربعة عولات علي توالي الإعداد تعول إلي سبعة كما في العمرية و هي هلكت هالكة تركت ( زوجها و أختين شقيقتين ) فأصل المسألة ستة لوجود النصف و الثلثان فيها فأصل النصف اثنان و أصل الثلثان ثلاثة فنضرب كامل في كامل فللزوج النصف 3 و للأختين الثلثان أربعه و مجموع ذلك سبعة فعالت المسألة بمثل سدسها و نقص كل واحد سبع ما بيده .
و تعول إلي ثمانية كما إذا ماتت وتركت زوج و أختين شقيقتين و أخ لأم فللزوج النصف 3 و للأختين الثلثان 4 و للأخ للأم السدس واحد فمجموع ذلك ثمانية فعالت بمثل ثلثها و نقص كل واحد ربع ما بيده
و تعول إلي تسعة كما إذا ماتت و تركت زوجا و أختين شقيقتين و أخوين لأم. فللزوج النصف 3 و للأختين الثلثين 4 و للأخوين للأم الثلث 2 و مجموع ذلك 9. فعالت بمثل نصفها و نقص كل واحد ثلث ما بيده.
و تعول إلي عشرة إذا ماتت و تركت زوجا و أما و أختين شقيقتين و أخوين لأم. فللزوج النصف 3 و للأم السدس واحد و للأختين الشقيقتين الثلثين 4 و للأخوين للأم الثلث 2 و مجموع ذلك عشرة فعالت المسألة بمثل ثلثيها ونقص كل واحد خمسا ما بيده و لا تعول المسألة إلي أكثر من ذلك.قال العلامة الرحبي رحمه اللع تعالي : ( فتبلغ الستة عقد العشرة *** في صورةٍ معروفةٍ مشتهرة )
و أما أصل الاثنا و عشر فتعول ثلاثة عولات علي توالي الأفراد فتعول إلي 13- 15- 17- تعول إلي 13- كما إذا مات عن ( زوجة و أختين شقيقتين و أم ) فللزوج ربع و للأختين الشقيقتين 2/3 و للأم 1/6 فأصل المسألة من 12 للزوجة الربع 3 و للأختين الشقيقتين الثلثان 8 و للأم السدس 2 و مجموع ذلك 13 عالت بمثل 1/12 و نقص كل واحد 1/13 مما بيده. و تعول إلي 15 – ما إذا مات عن ( زوجة و أختين شقيقتين و أم و أخ لأم ) فالمسألة من 12 للزوجة الربع 3 و للأم السدس 2 و للأختين الشقيقتين الثلثان 8 و للأخ للأم السدس 2 و مجموع ذلك 15 . عالت المسألة بمثل ربعها و نقص كل واحد خمس ما بيده.
و تعول إلي 17 كما إذا مات عن ( زوجة و أم و أختين شقيقتين و أخوين لأم ) فالمسألة من 12. للزوجة الربع 3 و للأم السدس 2 و للأختين الشقيقتين الثلثان 8 و للأخوين للأم الثلث 4 و مجموع ذلك 17 عالت المسألة بمثل ربعها و سدسها و نقص كل واحد خمسة علي سبعة عشر من ما بيده.قال العلامة الرحبي رحمه الله تعالي : ( وتبلغالتي تليها بالأثر *** في العول أفراداً إلي سبعة عشر ) .
و أما أصل الأربعة و العشرين فتعول عولة واحدة كما في المنبرية و سميت بالمنبرية لأن سيدنا الأمام علي كرم الله وجهه أجاب السائلة و هو علي المنبر و كانت خطبته رضي الله عنه ( الحمد لله الذي يحكم بالحق قطعا و يجزي كل نفس بمال تسعي و إليه المآبة و الرجعي ). فقامت المرأة و قالت مات زوجي و ترك أما و أبا و بنتين و لم أعطي ثمني كاملا فقيل قال لها ( صار ثمنك تسعا ) و قيل قال لها صار ثمن الزوجة تسعا و قيل قال صار ثمنها تسعا و علي كل فقد أجاب علي تسجيع الخطبة فالمسألة من أربعة و عشرين للبنتين الثلثان 16 و لكل واحد من الأبوان السدس 4 للأب و 4 للأم و لم يقي للزوجة شيء فيعال لها بالثمن 3 فتعول إلي 27 بمثل ثمنها و ينقص كل وارث ثلاثة علي سبعة وعشرين أي واحد علي تسعة مما بيده و الله أعلم .قال العلامة الرحبي رحمه الله تعالي :ـ (والعدد الثالث قد يعول *** بثمنه فاعمل بما اقول ) .
قال صاحب الرحبيه رحمه الله تعالي :-
وان ترد معـــــرفة الحساب ***** تهتدي به إلي الصواب
و تعرف القسمة و التفصيلا ***** و تعلم التصحيح و التأصيلا
فاستخرج الأصول في المسائل ***** و لا تكن عن حفظها بذاهل
فإنهن سبعـــــة أصــــــــــول ***** ثلاثة منهـــن قد تعــــــول
و بعده أربعــــــة تمـــــــــام ***** لا عول يعروها و لا انتلام
فالسدس من ستة أسهم يري ***** و الربع و السدس من اثني عشرا
و الثمن إن ضم إليه السدس ***** فأصله الصادق فيه الــحــــدث
أربعة يتبعها عشــــــــرونا ***** يعرفها الحساب أجمـــعـــــونا
فهــذه الثلاثة أصـــــــــــول ***** إن كثرت فروعها تعـــــــــــول
فتبلغ الستة عقد العشرة ***** في صور معروفة مشتهــــــرة
وتلحق التي نليها بالأثر ***** بالعول أفرادا إلي سبعة عشر
و العدد الثالث قد يعول ***** بثمنه فاعمل بما أقول
و النصف و الباقي أ والنصفان***** أصلهما في حكمهم اثنان
و الثلث من ثلاثة يكون ***** و الريع من أربعة مسنون
و الثمن إن كان فمن ثمانية ***** فهذه هي الأصول الثانية
لا يدخل العول عليها فأعلم ***** ثم أسلك التصحيح فيها تسلم
و إن تكن من أصلها تصح ***** فترك تطويل الحساب ربح
فأعط كلا سهمه من أصلها ***** مكملا أو عائلا من عولها
الدينارية الصغرى
و تسمي بذوات الفروج لأن الوارثات كلهن نساء و يرثن كلهن بالتساوي و هي:-
هلك هالك و ترك ثلاثة زوجات و ثمانية أخوات شقائق أو لأب و أربعة أخوات لأم و جدتين . فللزوجات الربع بعدم الفرع الوارث و للأخوات الشقائق الثلثان بعدم الفرع الوارث و عدم الأصل الذكر و عدم المعصب لهن و للأخوات للأم الثلث بعدم الأصل الذكر وعدم الفرع الوارث . وللجدتين السدس بينهما فالمسألة من 12 و تعول إلي سبعة عشر فللزوجات الربع و هو ثلاثة لكل واحده سهم و للأخوات الشقائق الثلثان ثمانية لكل واحده منهن سهم و للأخوات للأم الثلث أربعة لكل واحده مهن سهم و للجدتين السدس اثنان لكل واحده سهم .
الدينارية الكبرى
سألت امرأة سيدنا الإمام زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه فقالت يا إمام مات أخي و ترك ستمائة دينار لم أعط إلا دينارا واحدا . فقال لها لعل أخاك ترك إخوة بعدد الشهور و أما و زوجا و بنتين قالت نعم. فقال حقك معك . فلمسألة من 24 و جزء سهمها 25
فللأم السدس و هو 4x 25 =100
و للزوجة الثمن 3x 25 = 75
و للبنتين الثلثان 16x 25 = 400
--------
مجموع ذلك 575
و الباقي من 600 – 575 = 25
يرثه الأخوة و أختهم تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين فللأخوة الذين هم بعدد الشهور
12x 2 = 24
و للأخت دينار واحد = 1
الجملة = 25
الجملة الكلية = 25 + 575 = 600
صغري الصغرى
هلكت هالكة تركت أربعة أخوات أشقاء أو لأب و أختين لأم . فللأخوات الشقائق الثلثان و للأختين للأم الثلث فالمسألة من ثلاثة و تصح من ستة فللأخوات الشقائق الثلثان 4 لكل واحدة سهم و للأختين للأم الثلث 2 لكل واحدة سهم .
أول حادثة وقعت في عهد سيدنا عمر رضي الله عنه هي امرأة ماتت و خلفت ( زوجا و أختين شقيقتين ) و قد زادت الفروض علي التركة لأن الزوج فرضه النصف بعدم الفرع الوارث و الأختان الشقيقان فرضهما الثلثان و قد جاء الزوج يطلب نصيبه كاملا و جاءت الشقيقتان تطلبان نصيبهما كاملا فقال عمر رضي الله عنه :- ( ما أدري من أقدم منكم في العطاء و من أخر ) أي إني إذا أعطيت الزوج أولا فرضه نقص نصيب الأختين و إذا أعطيت الأختين فرضهما أولا و هو الثلثان نقص نصيب الزوج و هو النصف .