القـــــــــــــدم
هي عدم الأولية أي عدم أولية الوجود . و إن شئت قلت القدم هو عبارة عن سلب العدم السابق علي الوجود ، و إن شئت قلت هو عبارة عن عدم افتتاح الوجود و العبارات الثلاث بمعني واحد . هذا معني القدم في حقه تعالي باعتبار ذاته العلية و صفاته الجليلة السنية.
و أما معناه إذا أطلق في حق الحادثات كما إذا قلت مثلا هذا بناء قديم أو الكعبة قديمة قال الله سبحانه وتعالي )إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مبارك و هــدي للعالمين) أو هذا عرجون قديم هو عبارة عن طول المدة أي مدة وجوده إن كان حادثاً مسبوقاً بالعدم كما في قوله تعالي ( انك لفي ضلالك القديم) وقـوله عز و جـل (حتى عاد كالعرجون القديم).والقدم بهذا المعني مستحيل علي الله سبحانه وتعالي لان وجوده عز وجل لا يتقيد بزمان و لا مكان و جل أن يتصف بما خلق وهو جل شانه كان و لا زمان و لا مكان و الآن علي ما عليه كان لا يتقيد بالزمان ولا بالمكان.
و كذلك محال في حقه سبحانه وتعالي القدم الإضافي كقدم الآباء بالنسبة إلى الأبناء فأنه لا مناسبة بين الحادث و القديم .
فالقدم ينحصر في ثلاثة أقسام و هي :
القدم الذاتي:- وهو قدم الله سبحانه وتعالي المفسر بعدم الأولية أي عدم أولية الوجود و الله سبحانه وتعالي هو الأول من غير ابتداء و ما عداه من المخلوقات هي المحدثات و التي وجدت بعد العدم ، إذ كان الله موجـــوداً في الأزل
و لا شيئي معه و أوجد الكائنات وهو علي ما عليه كان و تفني جميع المخلوقات إلا ما شاء الله و هو باقي لا يحول و لا يزول و لا يتغير .
قال الشيخ احمد الدرديري رحمه الله تعالي :-
فيا أول من غير بدءٍ و آخرٌ بغير انتهاءٍ أنت في الكل حسبنا
القدم الزماني :- هو قدم الشيء بالنسبة لمرور الزمن عليه باعتبار طول المدة فالعرب يطلقون علي ما زاد علي السنة قديماً و ما لم تكمل له سنة جديداً.
القدم الإضافي :- وهو قدم شئ بالإضافة إلى شئ آخر متأخر عليه كقدم الآباء بالإضافة إلى الأبناء ، فالأب اقدم من ابنه . فكل من القدم الزماني و الإضافي فهو من صــفات الحـــوادث و ربنا منـزه سبحانه وتعالي عن صــفـات الحوادث (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) فربنا سبحانه وتعالي قدمه القدم الذاتي وهو عدم أولية الوجود.