هذا شروع في بيان أدلة الصفات

هذا شروع في بيان أدلة الصفات

الدليل في لغة العرب هو المرشد والكاشف ، وفي الاصطلاح هو قول مؤلف من مقدمتين يقينيتين لإنتاج يقين .
والمقدمات اليقينية هي : الأولويات والمشاهدات والمحسوسات والمتواترات والتجريبيات وسمي برهاناً وهو مشتق من البره بسكون الراء وهو القطع تقول برهت العود إذا قطعته ولا شك أن البرهان يقطع حجة الخصم ، وقيل هو مشتق من البره بفتح الموحدة والراء وهو البياض ولا شك ان البرهان يبيض وجه صاحبه ويجعل العقيدة ناصعة بيضاء جلّ من قال :ـ
(وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )
ويسمى حجة جلّ من قال :ـ (وتلك حجتنا ءاتيناها إبراهيم علي قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم )
فالدليل ينقسم إلي قسمين إما عقلي وإما نقلي ، فالدليل النقلي هو المنقول من الكتاب والسنة والإجماع .
والدليل العقلي عند المناطقة هو قول مؤلف من مقدمتين يستلزمان لذاتهما قولاً آخر سواءً كانت المقدمتان يقينيتين أو ظنيتين ، أو أحداهما يقينية والأخرى ظنية ، فالدليل أعم من البرهان .
وأما الدليل عند الأصوليين هو ما احتوى علي الموصل للمطلوب لا نفس الموصل ، فالعالم مثلاً هو دليل علي وجود الله سبحانه وتعالي وقدمه وبقاءه ومخالفته تعالي للحوادث وقيامه تعالي بنفسه ووحدانيته إلي آخر الصفات لاحتوائه علي جهات منها ما لا يوصل للمقصود ومنها ما يوصل إليه ، فالأول كطوله وكثافته وبساطته وتركبه وبياضه وسواده وعلويه وسفليه إلي آخر ما أشتمل عليه من إبداع .
والثاني كحدوثه أو إمكانه أو مجموع الأمرين ( الإمكان والحدوث ) شرطاً أو شطراً كما هو مقرر في الاختلاف في جهة الدلالة ،والمعتمد الحدوث وهو الوجود بعد عدم .
وكذلك النار دليل علي الإحراق لأنها احتوت علي الجرمية والشفافية والضوء وليس جهة من هذه الجهات موصلة للإحراق ، وإنما الجهة الموصلة هي الحرارة لأن بها يعلم الإحراق ، فالدليل العقلي مركب عند المناطقة ، ومفرد عند الأصوليين .
الدليل الاجمالي : ــــ
فالدليل ينقسم الى قسمين اجمالي وتفصيلي :
فالدليل الإجمالي هو المعجوز عن تقريره وتفصيله ورد الشبه التي ترد عليه وجهة الدلالة على المعتمد وحكم الله فيه الوجوب العيني على كل مكلف كما تقدم .
والدليل الاجمالي على جميع العقائد هو هذا العالم اتفاقاً ، ولا دليل لنا غيره قال الله : أفلا ينظرون الى الإبل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الارض كيف سطحت فذكر انما أنت مذكر ليست عليهم بمسيطر الا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الاكبر انا الينا ايابهم ثم ان علينا حسابهم .

وقال الشيخ ابراهيم اللقاني في جوهرة التوحيد :
فانظر الى نفسك ثم انتقـل للعالم العلوي ثم السفلي
تجد به صنعـاً بديع الحكم لكــن به قـام دليل الـعدم

وقد اختلف المتكلمون في جهة الدلالة على أربعة أقوال :
قيل جهة الدلالة هي الحدوث وهو الوجود بعد عدم وهو المعتمد .
وقيل أن جهة الدلالة هي الإمكان وهو استواء الوجود والــعـدم فــي حـق الحادث قبل وجوده في ما لا يزال .
وقيل أن جهة الدلالة هي مجموع الأمرين الإمكان والحدوث ، ولكن الــذين قالوا بمجموع الامرين ويقولون اما شرطاً أو شطراً .
واما الدلالة فهي افتقار العالم الى المحدث ، وهو مفتقر الى خالق يوجده من العدم . ويظهر ذلك جلياً في تركيب الدليل :
1/ اذا مشينا على ان جهة الدلالة الحدوث كما هو المعتمد ، فتقــول الـعالــم حادث وكل حادث لا بد له من محدث ، والنتيجة العالم لابد له من محـــدث ومحدثه لا يكون إلا موجوداً وقديما وباقياً الى اخر الصفات .
2/ وإذا مشينا على ان جهة الدلالة الامكان فنقول العالم ممكن وكل مــمــكن لابد له من صانع ، والنتيجة العالم لابد له من صانع ، وصانعه لا يكون الا موجوداً وقديماً وباقياً الى آخر الصفات .
3/ وإذا مشينا على أن جهة الدلاة مجموع الامرين ( الإمكان والحـدوث ) على جهة الشرطية ، فنقول ان العالم حادث بشرط إمــكانه وكـل مـــا كــان كذلك فلابد له من صانع ، النتيجة العالم لا بد له من صـانع ، وصــــانعــــه لا يكون الا موجوداً وقديمـــاً وباقـــياً الى آخر الصـــفات الواجبة في حـقه سبحانه وتعالي
4/ واذا مشينا على ان جهة الدلالة مجموع الأمرين لكن على جهة الشطرية ، فتقول العالم ممكن وحادث ، وكل ما كان كذلك فلابد له من صانع ، النتيجة العالم لابد له من صانع . وصــانعه لا يكون الا موجـــوداً وقديماً وباقــياً الى آخــر الصفــات الواجبــة في حقـــه سبحانه وتعالي .