فَصْلٌ في النظر إلى المخطوبة: وَإذَا أَرَادَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ، فَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ وَجْهَهَا، وَكَفَّيْهَا؛ لِمَا رَوَىٰ أَبُو هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَجُلاً أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ ٱلأَنْصَارِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ ـ: «ٱنْظُرْ إلَيْهَا، فَإنَّ ( فِي أَعْيُنِ الأَنْصَارِ شَيْئاً )
وَلاَ يَنْظُرُ إلَى مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالكَفَّيْنِ؛ لاًّنَّهُ عَوْرَةٌ، وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ إذَا أَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِرَجُلٍ أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ؛ لاًّنَّهُ يُعْجِبُهَا مِنَ الرَّجُلِ مَا يُعْجِبُ الرَّجُلَ مِنْهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :ـ
لاَ تُزَوِّجُوا بَنَاتِكُمْ مِنَ الرَّجُلِ الدَّمِيمِ؛ فَإنَّهُ يُعْجِبُهُنَّ مِنْهُمْ مَا يُعْجِبُهُمْ مِنْهُنَّ.
وَيَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى وَجْهِ الآخَرِ عِنْدَ المُعَامَلَةِ؛ لاًّنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِ الْعَقْدِ، وَالرُّجُوعِ بِالْعُهْدَةِ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّهَادَةِ؛ لِلْحَاجَةِ إلَىٰ مَعْرِفَتِهَا فِي التَّحَمُّلِ، وَالأَدَاءِ.
وَيَجُوزُ لِمَنِ اشْتَرَىٰ جَارِيَةً أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنْهَا؛ لِلْحَاجَةِ إلَىٰ مَعْرِفَتِهَا.
وَيَجُوزُ لِلطَّبِيبِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْفَرْجِ لِلْمُدَاوَاةِ؛ لأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ، فَجَازَ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ؛ كَالنَّظَرِ فِي حَالِ الْخِتَانِ.
وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، فَلاَ يَجُوزُ لِلأَجْنَبِيِّ أَنَّ يَنْظُرَ إلَى الأَجْنَبِيَّةِ، وَلاَ لِلأَجْنَبِيَّةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَى ٱلأَجْنَبِيِّ؛ لِقَوْلِهِ ـ تَعَالَىٰ ـ: { قُلْ لِلْمُوْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ } ،
{ وَقُلْ لِلْمُوْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}.
وَرَوى عن أُمُّ سَلَمَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ـ ـ وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ، فَأَقْبَلَ ٱبْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ ـ: «اِحْتَجِبْنَ عَنْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ أَعْمَىٰ لاَ يُبْصِرُنَا وَلاَ يَعْرِفُنَا، فَقَالَ: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؟ أَلَيْسَ تُبْصِرَانِهِ؟ وَرَوَىٰ عَلِيٌّ ـ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ـ ـ أَرْدَفَ الْفَضْلَ، فَاسْتَقْبلَتْهُ جَارِيَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَلَوَىٰ عُنُقَ الْفَضْلِ، فَقَالَ أَبُوهُ، العَبَّاسُ: لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ! قَالَ: « رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً، فَلَمْ آمَنِ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا، وَلاَ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الأَمْرَدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ؛ لاًّنَّهُ يُخَافُ الاِفْتِتَانُ بِهِ كَمَا يُخَافُ الاِفْتِتَانُ بِالمَرْأَة «.ِ
فَصْلٌ فيما يجوز النظر إليه: وَيَجُوزُ لِذَوِي المَحَارِمِ النَّظَرُ إلَى مَا فَوْقَ السُّرَّةِ، وَدُونَ الرُّكْبَةِ مِنْ ذَوَاتِ المَحَارِمِ؛ لِقَوْلِهِ ـ تَعَالَى ـ:
}وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ. {
وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَىٰ ذَلِكَ مِنَ الرَّجُلِ، وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَىٰ ذَلِكَ مِنَ المَرْأَةِ؛ لاًّنَّهُمْ كَذِوِي المَحَارِمِ فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ عَلَى التَّأْيِيدِ، فَكَذَلِكَ فِي جَوَازِ النَّظَرِ.