بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنَ النِّكَاحِ، وَمَا لاَ يَحْرُمُ
مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الدِّينِ، لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهُ؛ لاًّنَّ النِّكَاحَ يُرَادُ لِلاِسْتِمْتَاعِ، وَلاَ يُوجَدُ ذَلِكَ فِي نِكَاحِ المُرْتَدِّ، وَلاَ يَصِحُّ نِكَاحُ الخُنْثَىٰ المُشْكِلِ؛ لاًّنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، لَمْ يُوُمَنْ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً، وَإنْ تَزَوَّجَ رَجُلاً، لَمْ يُوْمَنْ أَنْ يَكُونَ رَجُلاً، وَلاَ يَصِحُّ نِكَاحُ المُحْرِمِ؛ لِمَا بَيَّنَّاهُ فِي الحَجِّ.
فَصْلٌ فيما يحرم على الرجل من النسب: وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ: الأُمُّ، وَالْبِنْتُ، وَالأُخْتُ، وَالْعَمَّةُ، وَالْخَالَةُ، وَبِنْتُ الأَخِ، وَبِنْتُ الأُخْتِ؛ لِقَوْلِهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ } ، وَمَنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ بِنَسَبٍ، حُرِّمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ النَّسَبِ كُلُّ مَنْ يُدْلِي بِهِ، وَإنْ بَعُدَ.
فَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ الأُمُّ وَكُلُّ مَنْ يُدْلِي بِالأُمُومَةِ مِنَ الجَدَّاتِ، مِنَ الأَبِ وَالأُمِّ وَإنْ عَلَوْنَ.
وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ الْبِنْتُ، وَكُلُّ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ بِالْبُنُوَّةِ، مِنْ بَنَاتِ الأَوْلاَدِ، وَأَوْلاَدِ الأَوْلاَدِ، وَإنْ سَفَلْنَ.
وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ الأُخْتُ مِنَ الأَبِ، وَالأُخْتُ مِنَ الأُمِّ، وَالأُخْتُ مِنَ الأَبِ وَالأُمِّ.
وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ العَمَّةُ، وَكُلُّ مَنْ يُدْلِي إلَيْهِ بِالْعُمُومَةِ؛ مِنْ أَخَوَاتِ الآبَاءِ، وَالأَجْدَادِ مِنَ الأَبِ وَالأُمِّ، أَوْ مِنَ الأَبِ، أَوْ مِنَ الأُمِّ، وَإنْ عَلَوْنَ.
وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ العَمَّةُ، وَكُلُّ مَنْ يُدْلِي إلَيْهِ بِالْعُمُومَةِ؛ مِنْ أَخَوَاتِ الآبَاءِ، وَالأَجْدَادِ مِنَ الأَبِ وَالأُمِّ، أَوْ مِنَ الأَبِ، أَوْ مِنَ الأُمِّ، وَإنْ عَلَوْنَ.
وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ الْخَالَةُ وَكُلُّ مَنْ يُدْلِي إلَيْهِ بالخؤولَةِ، مِنْ أَخَوَاتِ الجَدَّاتِ مِنَ ٱلأَبِ وَٱلأُمِّ، أَوْ مِنَ الأَبِ، أَوْ مِنَ الأُمِّ. وَإنْ عَلَوْنَ.
وَتُحرَّمُ عَلَيْهِ بِنْتُ الأَخِ، وَكُلُّ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ بِبُنُوَّةِ ٱلأَخِ؛ مِنْ بَنَاتِ أَوْلاَدِهِ، وَأَوْلاَدِ أَوْلاَدِهِ، وَإنْ سَفَلْنَ.
وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ بِنْتُ الأُخْتِ، وَكُلُّ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ بِبُنُوَّةِ الأُخْتِ؛ مِنْ أَوْلاَدِهَا، وَأَوْلاَدِ أَوْلاَدِهَا، وَإنْ سَفَلْنَ؛ لاًّنَّ الاِسْمَ يُطْلَقُ عَلَىٰ مَا قَرُبَ وَبَعُدَ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ـ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ: { يَا بَنِي آدَمَ } . وَقَوْلُهُ تَعَالَىٰ: { مِلَّةَ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ } . وَقَوْلُهُ ـ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ ـ: { مِلَّةَ آبَاءىَ إبْرَاهِيمَ وَإسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ } . فَأَطْلَقَ عَلَيْهِمُ اسْمَ الآبَاءِ مَعَ الْبُعْدِ؛ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يَرْمُونَ: «ارْمُوا؛ فَإنَّ أَبَاكُمْ إسْمَـٰعِيلَ ـ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ـ كَانَ رَامِياً ، فَسَمَّىٰ إسْمَـٰعِيلَ أَبَاهُمْ مَعَ الْبُعْدِ، وَلاًّنَّ مَنْ بَعُدَ مِنْهُمْ كَمَنْ قَرُبَ فِي الحُكْمِ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ ابْنَ ٱلاِبْنِ كَالاِبْنِ، وَالجَدَّ كَالأَبِ فِي المِيرَاثِ، وَالْوِلاَيَةِ، وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ، وَرَدِّ الشَّهَادَةِ، فَلأَنْ يَكُونَ كَالاِبْنِ وَالأَبِ فِي التَّحْرِيمِ وَمَبْنَاهُ عَلَى التَّغْلِيبِ، أَوْلَىٰ
فَصْلٌ فيما يحرم على الرجل من المصاهرة: وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ المُصَاهَرَةِ، أُمُّ المَرْأَةِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ؛ لِقَوْلِهِ ـ تَعَالَىٰ: { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } . وَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ يُدْلِي إلَى ٱمْرَأَتِهِ بِالأُمُومَةِ مِنَ الجَدَّاتِ مِنَ الأَبِ وَالأُمِّ، لِمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ.
وَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ ابْنَةُ المَرْأَةِ بِنَفْسِ ٱلْعَقْدِ تَحْرِيمَ جَمْعٍ؛ لاًّنَّهُ إذَا حُرِّمَ عَلَيْهِ الجَمْعُ بَيْنَ المَرْأَةِ وَأُخْتِهَا،فَلأَنْ يُحَرَّمَ الجَمْعُ بَيْنَ المَرْأَةِ وَابْنَتِهَا أَوْلَىٰ، فَإنْ بَانَتِ الأُمُّ قَبْلَ الدُّخُولِ، حَلَّت لَهُ الْبِنْتُ، وَإنْ دَخَلَ بِالأُمِّ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْبِنْتُ عَلَى التَّأْبِيدِ؛ لِقَوْلِهِ ـ تَعَالَى ـ: { وَرَبَائِبِكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ . }
وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى امْرَأَتِهِ بِالْبُنُوَّةِ،
مِنْ بَنَاتِ أَوْلاَدِهَا، وَأَوْلاَدِ أَوْلاَدِهَا،